قصة قصيرة عن الانانية و الانانيين :
وقع رجل ضحية صاعقة أودت بحياته وحياة كلب وحصان كانا يرافقانه. متوهّماً بانه لا زال على قيد الحياة ، قام الرجل بمتابعة سيره بمعية الحيوانين ، فوجد نفسه في طريق صحراوي ثراه رمل حارق وثريّاه شمس عمودية الاشعة. بعد مسيرة شاقة جداً، أبصر الرجل المائت ممرّا جميلا يقود الى قصر جميل فخم . فهرع اليه مسرعا وبادر الحارس بالسؤال : ما اسم هذا المكان ؟ فاجابه الحارس : انها الجنة. فانفرجت اسارير أخينا وقال : واخيراً نجونا ، واستأذن الحارسَ بالدخول لارواء عطشه مع حيواناته. أذِن له الحارس بالدخول وقال : إنهلْ ما طاب لك من الماء ، ولكن حيواناتك يُمنع دخولها. فتوقف الرجل على الفور وأدار ظهره لجنـّة تحرمُ المخلوقات من إرواء عطشها . واستأنف سيره باتجاه جديد ، وبعد ساعات طويلة ، لمح صاحبنا من بعيد واحة خضراء توهـّمها لاول وهلة سرابا ، ولكنه بعد فرك عينيه مطولا رأى الموقع ثابتاً في مكانه ، فغـذّ السير إليه . قوبل الموكبُ اللاهث بحفاوة من قبل رجل يرتدي قبعة جميلة . لشدّة عطشه ، نسي صاحبنا ان يلقي التحية وخرّ على قدمي الرجل طالبا الماء . فاشار اليه الرجل بالدخول حالا واضاف : لا تنسَ الكلب والحصان ، وارجع الينا كلما احتجت الى ارواء ظمئك انت ورفيقيك . بعد انتهاء صاحبنا من شرب الماء ، سأل القيّم على الواحة: بالله عليك ألا تقول لي ما اسم هذا المكان ؟ فاجابه :هذه هي الجنة. فاستغرب صاحبنا من جوابه وقال : وكيف كذب علينا رجل التقيناه قبلك بان السماء هناك عندهم ؟ فاجاب بواب الجنة مبتسما : انّ ما رايته هناك ليس غير جهنم. فاستطرد صاحبنا : ولماذا يستخدمون اسم الجنة ، وكيف لا تمنعونهم من ذلك ؟ فاجابه: اننا لن نقوم أبدا بذلك ، انّ هؤلاء يقدّمون لنا خدمة كبيرة لانهم يريحوننا من الانانيين ، مِمّن لا يفكرون الا بانفسهم ، ولهم استعداد التخلي عن اصدقائهم ، فهؤلاء لا مكان لهم عندنا.
عِبرة هذا الحديث الذي طال رغما عني ، نستخلصها في تصرف صاحب الكلب والحصان الذي لم يَنقَـَد للانانية ، وآثر الموت على أرواء ضمِئه دون رفيقـَي دربه ، بالرغم من كونهما حيواناتٍ كان يتخلّى غيرُه عنها بسهولة.